maira شـخصية غــامضـه
مساهمات الرعب : 56 عمر المرعب : 34 بلد المرعب : مصر مزاج الرعب : زفت معدل الرعب : 5720 تاريخ الرعب : 30/06/2009
| موضوع: قصه لما وراء الطبيعه الجزء الثالث 04.07.09 14:22 | |
| حين انصرفت أمال بدأت أدرك أن هناك شيئاً ما ليس علي ما يرام .. بالواقع لم يكن أي شئ علي مايرام .. ركعت علي ركبتي أتتبع سرب النمل الطويل الكثيف كأنه رُسم بفرشاة سوداء علي خشب الأرضية .. هاهو ذا .. انه يتعرج حول نفسه متجهاً الي أحد شقوق الحائط الكثيرة .. الموضع الذي يفر منه كل النمل .. مامعني هذا؟.. هجرة نمل في هذا الوقت من العام؟ و قط متوتر كأنما أوصلت ذيله بمقابس الكهرباء .. وبرص يعدل عن رأيه في الوقت الملائم لبدأ البيات الشتوي .. وكلب يعوي كالمسعور دون سبب واضح .. كل هذا متزامن مع ذلك الشاب غريب الأطوار والمظهر .. الذي كان عندي من لحظات .. ان هذا يعني.... وانتصب شعر رأسي (كان عندي شعر رأس في تلك الآونة ) واستحال جلدي كجلد الأوزة .. لقد فهمت الحيوانات والحشرات مالم أفهمه أنا ..
ومضيت أجول الغرفة في قلق .. كان جمعة قد هدأ قليلاً لكنه متكور كالجورب في ركن الفراش ويرمقني في توجس
كُف عن الهلع أيها القط السخيف .. أرجوك .. لم تعد أعصابي تتحمل كل هذا ..
ولكن ما سر هذا الاسم الغريب الذي يحمله ؟ .. انني واسع الثقافة – كما تعلمون جميعاً - وكان من السهل أن أقول لنفسي (داغر) معناها (لص) وهي كلمة عربية فصحة لكننا نسينا معناها .. أما (السفير) فهو اسم ملئ بالدلالات .. خاصة اذا ما استبعدنا معناه القريب الدراج أنا أعرف أن (لوسيفر) هو الاسم اللاتيني للشيطان .. وقد كان في الاصل يعني (الزهرة) حين تغدو ( كوكب الصباح ) ثم اقترن بالشيطان في الديانة المسيحية لأنه كناية عن الخيلاء التي تقود صاحبها للهلاك .. فهل ثمة دلالة معينة لتشابه حروف(لوسيفر) و(السفير) ؟! .. انني غزير العلم – كما تدركون جميعاً – وتفهمون أن الأدب العالمي هو مملكتي الخاصة .. وأن قصصاً مثل (فاوست) و ( أحزان الشيطان) لا تغيب عن مخيلتي .. لماذا لا نعرف شيئاً عن داغر ولا أسرته ولا عنوان داره ..؟ لماذا يزور الجميع لكن أحداً لا يزوره ..؟ الوغد ..!.. لكم كان ناعماً مهذباً مؤذياً كالأفعي !.. كانت الساعة تدنو من منتصف الليل وكان النمل قد أنهي هجرته غير المفهومة .. والقط في موضعه السابق .., حين سمعت دقاً متواصلاً علي الباب .. فوثب قلبي من فمي .. اتجهت للباب في تؤدة وألصقت وجهي به ... وتساءلت , من هناك ؟ - كان هذا هو صوتي المرتجف .. المتوجس .. الرفيع كصوت سحلية مشنوقة .. وهنا سمعت الصوت الذي سيظل يفعم كوابيسي :-
إنه أنا .. داغر .. افتح يا محمد
دا .. دا .. داغر ؟ .. مـ .. ماذا تريد؟
قال في سخرية .. ليس لعب الشطرنج بالتأكيد .. نسيت مفاتيحي عندك .. لحظة
ووثبت كالملسوع الي حيث كان جالساً .. فوجدت المفاتيح التي تحدث عنها .. غريب هذا ! . أنا واثق من أنه لم توجد مفاتيح طيلة المدة التي تلت رحيلة .. هذه المفاتيح برزت فجأة ..!
حملتها بين اصبعين كالثعبان , واتجهت للباب – هل أفتحه؟ , لا أدري لكني حتماً لن أتمكن من تمريرها أسفله .. اذن لا مناص من فتح الباب .. مددت يدي للقفل وأزحته في توتر .. ودخل داغر الغرفة .. كان وجهه الوسيم الصارم يتلألأ بين الظلال وهو يدلف للحجرة وعيناه تلمعان ببريق غير مريح .. بريق لم ..
مياااااو .. !
أنشب جمعة مخالبة في الملاءة وقوس ظهره ثم وثب بقفزة واحدة الي ما تحت الفراش .. فقال داغر وهو يهز رأسه .. ان هذا القط غريب الأطوار ..
والتقط المفاتيح ودسها في جيبه .. وأردف : - لماذا تحتفظ بهذا الوحش الشرس في دارك ؟ .. كنت أتعوز و أردد الأدعية كي يتركني هذا الشئ سالماً هذه الليلة .. و إلي الوراء ترجعت للوراء ثلاث خطوات ..
ماذا بك يا محمد ؟.. لا تبدو طبيعياً .. هل حدث مايضايقك ؟
كان يدنو مني في تؤدة وعلي شفتيه ابتسامة معسولة ..
ابتعد عني ..!!
- لماذا ؟ .. لماذا لا أدنو منك ؟
كنت أتراجع للخلف محاذراً أن أصطدم بالمكتب ..
- ابتعد أيها الشيطان !!
ضحك والتمعت عيناه وتبدت أسنانه البيضاء النضيدة :
- أنا شيطان ؟ .. انك ذكي ياصديقي ..!
- أنت ..
و هنا حدث الشئ .. الشئ الذي لم أتخيله في أفظع كوابيسي ..
شممت رائحة غبار .. ثم هوي عرق خشبي عملاق من السقف .. وتطاير الغبار أكثر .. ثم بدأ الجحيم .. أخشاب تتهاوي .. الأرض تميد تحت قدمي .. قرقعة .. صخب .. صوت تهشُم .. , داغر يحاول أن يقول شيئاً ثم يسقط أرضاً .. عواء القط .. عواء الكلب .. رائحة عطن.. صراخ نسوة .. ثم لا شئ ..
في مستشفي ( القصر العيني) صحوت لأجد نفسي ملفوفاً في الضمادات و عشرات الأصوات تتردد أن الحمدلله .. و فهمت ما هنالك .. لقد انهار طابقان في المنزل المتداعي الذي كنت أسكن فيه ولم يصب - بالطبع و كما هي العادة – سواي و داغر..
داغر المنحوس المسكين الذي عاد ليأخذ مفاتيحه دقيقة واحدة .. دقيقة واحدة لكنها كانت كافية لينهار المنزل فوق رأسه ومن حسن حظه انه لم يقض نحبه ..
داغر سليل الأرستقراطية الذي لعبت برأسه السياسة فانضم الي إحدي المنظمات اليسارية المتطرفة .. وتنصلت منه أسرته .. تاركة اياه يمارس دوراً اختاره لنفسه في توعية البؤساء من أمثالي بقسوة وضعهم الطبقي المتدني .. توطئة لضمهم الي المنظمة .. داغر الذي تلقي جزاء حماسه المبالغ فيه في صورة كسر في الفخذ والذراع و ارتجاج في المخ لا بأس به .. الواقع انني – في تلك اللحظة – لم أعد أمقت ذلك المعتوه الي ذلك الحد .., طيلة حياتي كنت أتعاطف مع الفريق الخاسر .. حاولت أن أكسب صداقته من جديد .. لكنه كان قد تعلم دراساً لا بأس به , لهذا أفلت مني وعاد للدراسة من جديد .. وان كان قد فقد مغناطيسيته أو لم يعد يعبأ بها .., ثم أن البوليس السياسي استضافه بعض الوقت مما شفاه نهائياً من التودد ..
و في المستشفي زارتني ( أمال) وأمها .. و كانتا سليمتين تماماً , وكانت الأم قد أعدت لي بعض الحمام و الأرز المعمر كأفضل هدية تعرفها لمريض ولم تكن مخطئة تماما في هذا .. أخبرتني في تفاؤل أن البيت أمكن اعادة ترميمه – فلم يعودوا بلا مأوي .. وأقسمتْ أغلظ الايمان أن آكل أمامها في فراشي ... فلم أكذب خبراً الا أنني تجنبت سؤالها عن قطي وعن العزيز (جمعة ) الذي كان شريك حياتي لفترة وجيزة .. ولي بعيداً ككل ما هو رائع ..
- قطك بخير يا (سي محمد) ..
قالتها (أمال) في نعومة .. مما جعل وجهي يتهلل طرباً غير مصدق لما تقول ..., أردفت مبتسمة : - ان الحيوانات تشعر بالخطر قبلنا .. لهذا نجا بعمره في تلك الليلة .. شرد ذهني و أنا ألوك الأرز الي أحداث الأمسية .. هروب النمل و توتر القط و ذعر الكلب , كانت تشم الخطر و تتحفز ضده .. لكني – كما هو واضح أسأت فهم رسالتها و حسبت زائري المقتحم نوعاً من الـ .....
ان مشاكلي لم تنته .. بل – بالأحري بدأت .. لكني أملك هدفا .. و أعرف كيف أحقق هذا الهدف , لا أذكر كم من العظماء التاريخ قد انهارت غرفهم فوق رؤوسهم .. لكني واثق من أنهم كثيرون .. , و عما قريب سيفخر كل معارفي أنهم عرفوني .. وأنهم أحضروا لي الأرز حين كنت مريضاً جائعاً محطماً ..!
سيكون الغد حافلاً .. , وفيه كل شئ ممكن ..
أما اليوم .. فلأنم ملء جفوني ..
* * *
تمــــــــت | |
|