maira شـخصية غــامضـه
مساهمات الرعب : 56 عمر المرعب : 34 بلد المرعب : مصر مزاج الرعب : زفت معدل الرعب : 5720 تاريخ الرعب : 30/06/2009
| موضوع: قصه لما وراء الطبيعه الجزء الاول 04.07.09 14:14 | |
| بقلم: د . أحمد خالد توفيق
كما قلت لكم من قبل .. ان لغرائز الحيوان هيبة واحتراماً في نفوسنا نحن البشر الذين أوهنت الحضارة حواسنا ...، ان الحيوان يري أفضل منا ويشم أفضل منا ويسمع أفضل منا .. أما الأهم فهو أن الحيوان يملك حاسة الخطر .. الحاسة التي لا نملك منها سوي النذر اليسير أو لا نملكها علي الأطلاق ...
كنت طالباً قروياً بسيطاً أعيش في القاهرة , المدينة الصاخبة القاسية التي لا ترحم ..، كانت الحرب قد انتهت منذ أعوام واستسلمت ألمانيا وكانت هناك حركات ثورية تغلي واضطربات وحركات كبار ..، لكني كنت بعيداً عن كل هذا في قوقعتي الخاصة.. كان رفاقي في الجامعة يثرثرون ويرافقون الفتيات ويتأنقون.. لكني كنت منزوياً في حياني الريفي الطبيعي والأمل الخافت الذي لا ينفك يراودني : ستفخرون يوماً أنكم عرفتموني ..! أي ضير في أن تسخر الفتيات من حذائي ؟.. لقد سخرت فتاة من بنيامين فرانكلين يوماً ما وأطلقت عليه الكائن العجيب , ثم تلبث أن قبلت بكل فخار أن تكون زوجته حين صار المصلح والعالم الأمريكي الأشهر .. أي ضير في أن يتهكم الشباب علي ثيابي ؟ .. ان بيتهوفن كان كريه الرائحة قليل الاستحمام .. والكسندر دوماس كان قبيحاً كقرد .. وحتي اينشتاين اتهمه مدرسوه بالتخلف العقلي .. كنت واثقاً أنني أصنع نفسي .. كنت أجد بين صفحات الكتب ما ينسيني عذاب اللحظة .. لكن شعوراً واحد كان يمزق فؤادي .. الوحدة..! الوحدة المريرة التي لن أتحملها بأي حال .. كنت أعيش في غرفة حقيرة في أحد أحياء القاهرة الشعبية .. وكانت بعض أسر العمال تسكن جواري , فلم يمنعني هذا من ادراك أية متعة يعيشها هؤلاء البؤساء بين أسرهم .. صوت الضحكات .. لعب الأطفال.. الشجار .. عبارات السباب .. كل هذا كان يمزقني تمزيقاً , وحتي قشور البطيخ الملقاة في الزقاق كانت تؤلمني .. فهي كميات أكبر بكثير مما يستطيع شخص واحد أن يلتهمه ..! كنت أحيا هذا الجحيم .. وبدأت أفهم لماذا يتزوج البشر.. انه الضمان الوحيد كي تجد انسانا ملكك لا يتركك وحيداً أبداً... كنت غارقاً في لجة الكآبة حين قابلت (جمعة) ..! كان صغيراً بحجم قبضة اليد .. قذراً كمصرف للمجاري .. شرساً كالنمر .. جائع كسمكة وليدة .. تعساً كالشيطان .. وحيداً مثلي .. هنالك أمام بابي وجدته .. مجرد قط وليد منبوذ يرتجف برداً وجوعاً ويموء بتلك الطريقة الصامتة الواهنة التي تجيدها القطط وتسلب بها قلوبنا .. حملته الي الحجرة .. ووضعته في سلة الخبز الفارغة التي أرسلتها لي (الحاجة) من قريتي ، وأحضرت له بعض الفاصوليا التي كنت قد طهوتها لنفسي فأعرض عنها في اشمئزاز مبدياً رأياً لا بأس به في طهوي .. فتحت له علبة من السمك المحفوظ وشرعت أضع أمامه قطعاً منها , فذاقها بلسانه أولاً .. ثم بدأ يأكل .. حين انتهي راح يلعق أسنانه بلسانه , فحملته في قبضتي الي صنبور الماء وغسلت جسده وسط محاولات افلاته المضحكة وموائه الرفيع , من حسن الحظ أننا كنا في يوليو لأن غسيل القطط الصغيرة تحت الصنبور خطأ قاتل !) . ثم جففته وشرعت أرمق شعره الثائر المحتشد في أشواك .. وكان هذا هو الحب الأول في حياتي ..!.. أسميته (جمعة) لأنني كنت مثل (روبنسون كروز ) وحيداً في جزيرة قصية الي أن وجد صحبة , وهذه الصحبة كانت بدائياً جاءه في يوم جمعة , فأسماه في بنفس الاسم .. لقد غير جمعة حياتي تماماً .. صار لي هدفاً أحيا من أجله وأعود لداري من أجله .. كان يرقد علي قدمي حتي أنام .. ويلعق وجهي في شعاع الفجر الأول .. ويرتمي علي ظهره معايناً خفي ..., ثم يتربع علي مكتبي الحقير أمامي اذا أدرس مُصدراً ذلك الهرير الرائع المنتظم .. الواقع أنني كنت أملك يقيناً لا يتزعزع أن هذا القط هو أخي .. فقط هو مصاب بعيب خلقي بسيط يجعله يمشي علي أربع ويأكل السمك ويموء , ولابد لي أن أقبله كما هو لأني أحبه !.. ظلت الأيام تدور بنا .. وفي الأوقات القليلة التي كنت أفارقه فيها الي قريتي كنت أعطي مفتاح الحجرة لـ (أمال) ابنة الجيران كي تطعمه .. كان هذا في الفترة السابقة للقائي بـ (داغر) .. * * *
اسمه عجيب.. أعلم ذلك .. لكن وجهه أكثر غرابة .. فهو شاحب اللون رمادي العينين تتطاير خصلات شعره الأبيض في الهواء .. ضخم.. مهيب .. يقولون أنه من أصل تركي يبرز مظهره غير المألوف واسمه العجيب.. وكان من أوائل الشباب الرفيع الذي تخلي عن الطربوش .. وبرغم أن كثيرين قد حذوا حذوه في تلك الأيام في أواخر الأربعينات الا أنه كان أولهم .. قابلته في الجامعة يدرس الفلسفة .. كان علي النقيض مني في أي شئ .. ولن أشرح كيف .. لكنه كان شخصية مغناطيسية يلعب ذات الدرو التي تلعبه البلورة الصغيرة حين تعلقها في سائل مُشبع .., انه مركز تبلور .. وآراؤه وكلماته تغدو هي (الرأي العام) بعد أيام من قولها .. ومن اللحظة الأولي أدركت أنه لن يكون صديقي .. لكن داغر أصر علي العكس .. وكان له ما أراد .. كنت جالساً في المكتبة أطالع بعض كتب علم الأجناس حين وجدته يتخذ مقعده جواري.., العطر الغريب الذي يذكرك بشئ لا تدري كنهه وأنامله الدقيقة كأنامل أفضل عازفي البيانو .. قال لي وهو يقلب صفحات كتاب : - اننا زميلان.. هل تعرف ذلك؟ .. اذن لماذا لا نتعرف؟ - (محمد شحاته) .. من احدي قري القليوبية .. ابتسم في شئ من الرقة الممزوجة بالتهكم .. وقال , اسمي داغر ..(داغر السفير) .. وعل كل حال أنا لم أطلب معرفة محافظتك .. هي العادة لا أكثر .. وبدأنا نتحدث .. كان مسلياً وواسع العلم لكني لم أستطع أن أحبه .. نفور لا سبب له ينتابني تجاهه, ذلك النفور الذي فسرته بحقدي المحتوم علي طالب ثانوي مثله يملك كل شئ .. لكنه كان لزجاً كالذبابة.., كانت نظراته محملقة ثابتة الي درجة مزعجة تسلبك حريتك تماماً . الخلاصة أنه كسب أرضاً بعد هذه المحادثة وصار من حقه أن يجذب مقعداً الي جواري في أي مكان أجلس فيه دون أن أتمكن من الأعتراض .. هل هو اجتماعي الي هذا الحد الذي يحرص معه علي ألا يفلت طالب من دائرته ؟.. أم هو يتسلي بهذا النمط الساذج الغريب الذي كنته ؟ .. ان لديه أصدقاء كثيرين ويمكنه دائماً أن يشغل وقت فراغه .. بل انه - صدق أو لا تصدق – طلب زيارة داري ..! كدت أجن .. وطفقت أولول وأصرخ وأؤكد له أن داري ليست داراً بل هي أقرب بل هي أقرب الي حظيرة أو سوق أو مخزن الكرار .. وأنه حتماً لن يحبها رؤيتها فضلاً عن دخولها .. فلا داعي لهذا التودد الا أنه ابتسم في لزوجة .. وأكد لي : - انني علي غير ما تحسب .. وجميع الأماكن عندي سواء .. مادمت مصراً ..، علي الأقل سأجد لك كوباً مكسوراً هنا أو هناك يصلح لتشرب فيه شاياً ..! – كما تريد .. وفي مساء الأربعاء أولجت مفتاح الباب في القفل .. ودخلت الغرفة وعي هذا الأخ المتودد .. وشرعت أزيح الزجاجات المكسورة والخرق وعلب السمك المحفوظ الفارغة التي تسد طريقه الي المقعد الخشبي الوحيد ..- ليست غرفتك بشعة الي هذا الحد .. تبدو لي كغرف الرسامين التأثيريين في (مونبارناس ). لم أفهم هذه العبارة لكنها أكدت لي أنه قد سافر الي هذه الـ .. الـ .. مومبراس مراراً ولابد أنه مكان رائع فيما عدا غرف الرسامين التأثييرين القذرة التي تملؤه !, ماعلينا .. سأعرفه بأخي السنوري (جمعة) الذي سيعطي لحديثنا أرضاً أوسع .. خاصة وكل الناس مولعون بالحديث عن الحيوانات والأطفال .. – ( جمعة) ..!.. أين أنت ؟.. أيها الهر السخيف ..! هل لديك هر؟
سألني وقد تبدل تعبير الإرتياح المرتسم علي وجهه .. لا أكذب اذا قلت أنه قد بدا قلقاً و متوتراً .. سألته في مداعبة واضحة : يبدو أنك لا تحب القطط ؟
ولا الحيوانات عموماً .. ولكن صبراً حتي تري جمعة .. وركعت تحت الفراش باحثاً عن ذلك القط العنيد .. كان هناك في الركن المظلم متكوراً حول نفسه وقد انتفشت شعيراته والتمعت عيناه في الضوء كفيروزتين , وكان يصدر زئيراً متوتراً غير عادي .. فلما مددت يدي أصدر فحيح كالأفعي ان هذا القط خجول أكثر مما توقعت .. امتدت يد " داغر " الي ظهري حيث انحنيت راكعاً تحت الفراش وسمعت صوته الرخيم العميق يغمغم : - دعك منه الآن .. فليكن ... ، وعدت أزحف علي ركبتي خارجاً , ووقفت علي قدمي أمام الفتي الذي مد يده يزيل شيئاً ما من علي ذقني ويبتسم: - وجهك غارق في الغبار وخيوط العنكبوت .. لقد أنزرتك .. يتبع
| |
|
titobartty22 شـخصيه مـميـــزه
مساهمات الرعب : 111 عمر المرعب : 35 متصفح المرعب : قوى جدا بلد المرعب : القبر مسكنى مزاج الرعب : على حسب معدل الرعب : 5193 تاريخ الرعب : 29/12/2010
| موضوع: رد: قصه لما وراء الطبيعه الجزء الاول 20.03.11 14:43 | |
| مشكوووووووورة اختى على المجهود الرائع
تقبلى مرورى | |
|
titobartty22 شـخصيه مـميـــزه
مساهمات الرعب : 111 عمر المرعب : 35 متصفح المرعب : قوى جدا بلد المرعب : القبر مسكنى مزاج الرعب : على حسب معدل الرعب : 5193 تاريخ الرعب : 29/12/2010
| موضوع: رد: قصه لما وراء الطبيعه الجزء الاول 20.03.11 14:48 | |
| منتظرين من كل جديد
تحياتى لمن دمر حياتى | |
|