الــــــجزء الـــــــــرابـــــــــــــــع
++++++++++++++++++++
رأى الطفلة واقفة بينه و بين الغريب...
أستطاع أن يرى وجهها و هو يزداد صلابة و غموضاً...
وقفت الطفلة برهة...
أطرقت برأسها إلى الأرض و الغريب ثابت لا يتحرك...
رفعت رأسها بهدوء و هي تنظر إلى النجوم...
أشارت للكائن الغريب بأصبعها و هي ترسم علامة دائرة في الهواء...
مع أشارتها تموج الغريب قبل أن يبدأ شكله في التحول الى ما يشبه الكلب لكنه بدا برأسين...
أشارت بيدها مرة أخرى فتكور الغريب على نفسه و برزت على ظهره ثلاثة أقدام مسطحة...
عادت الطفلة تشير بيدها عِدة مرات و هي تطلق زمجرة خافتة...
استوى الغريب واقفاً على قدميه إلا أن الجزء الأعلى من جسده كان مطموس الشكل هلامي الحركة...
تراجعت الطفلة إلى الخلف فتجاوزت خالد ليصبح من جديد بينها و بين الكائن الغريب...
أستطاع خالد و ببقايا عقله المحطم أن يفكر في الهرب فها هي الطفلة تعجز!!! وقد تصبح هي الضعيفة بلا شك!!!
زحف خالد محاولاً الهرب...
وما أن أدار إلى الخلف حتى اصطدم بوجه الطفلة أحمر قاني بعينين تومضان بشدة و كل غموض الأرض على محياها
عاد خالد ليسقط مكانه بينما بدأ الغريب يقترب من الطفلة رويداً رويدا...
ضربت الفتاة بقدمها الأرض فاهتز الكائن الغريب و تمدد على الأرض ويصبح كحيةٍ جرداء على جوانبها ما يشبه الأجنحة...
بدا الكائن الغريب عاجزاً عن إتقان أي شكل يتحول إليه...
وما هي إلا برهة حتى برز للكائن الغريب رأس أسود كبير...
بدأ الرأس يكبر و يتعاظم حتى أصبح أكبر من الجسد...
أقترب الكائن من الطفلة فرفعت يدها و هوت بها على ذلك الرأس لتطوح الكائن بعيداً بقوةٍ لا تصدر عن أعتا الرجال...
تدحرج الكائن و هو يطلق خواراً هائلاً و يغرس رأسه في الأرض قبل أن يبدأ بالتلاشي و الذوبان...
على صوت خوار الكائن العالي رأى خالد أبواب منازل القرية تُفتح و النوافذ تُشَرَّع...
من هذا المشهد, أنخرط خالد في بكاء مرير وكأنه طفل...
سلوته الوحيدة أنه كان يتمتم بآياتٍ كان يحفظها...
التفتت الطفلة إلى خالد ...
تقدمت باتجاهه...
أمسكت برأسه...
قربت وجهها منه...
همست في أذنه بصوتٍ طفولي عذب: لا تخف, لن يؤذيك بعد الآن!!!
و كانت هذه أول مرة يسمع فيها خالد صوت الطفلة و هي تتكلم...
في هذه الأثناء رأى خالد أشباحاً تعبر الأبواب و النوافذ...
رأى رهطاً منهم يتحرك في الظلام باتجاهه...
منهم من يمشي على قدمين و منهم من يزحف زحفاً...
و منهم أيضاً من يبدو أنه يطير...
اغتم خالد لهذا الأمر كثيراً...
لم تعد كلمة "رعب" تصف ما يشعر به...
تمنى أن يتوقف قلبه عن النبض علَّه يرتاح...
تمنى أن يشرق قرص الشمس و يزيح هذا الظلام...
و بيأس الغريق الذي فقد الأمل في النجاة بكى...
اتسعت عيناه هلعاً وهو ينظر إلى الطفلة تسقط على ركبتيها...
نعم!!!
لو استطاعت الطفلة على ذلك الكائن الغريب فلن تقوى على المجموعة القادمة...
بدأ عددهم يزداد و هم يتقدمون باتجاهه...
لسان حاله يقول: كم شيطاناً منهم سيتلبسه؟!!
حين وصلوا إلى حيث استطاع خالد أن يتبين أشكالهم شرع في قراءة آية الكرسي بصوت عالٍ...
وقفوا أمامه برهة, يتقدمهم شيخ مهيب كامل الخلقة بلحيةٍ بيضاء...
في الأمر شيء واحد غريب جعل خالد يتأكد بأن الشيخ أيضاً من الجن!!!
كانت قدما الشيخ حافيتان والأغرب من ذلك أنهما لا تلامسان الأرض...
قامت الطفلة من جلستها و تعلقت بيد الشيخ و هي تشير إلى خالد...
أنقطع صوت خالد و أصبح يقرأ آية الكرسي همساً...
تبسم الشيخ في وجه الطفلة و تقدم من خالد...
انحنى الشيخ و سأل خالد بصوتٍ غليظ: ماذا تقرأ و على من؟!!!
أبتلع خالد لعابه و هو يفكر: لماذا لا تردعهم حتى آية الكرسي؟!!
لمن سيلجأ بعد الله و بمن يحتمي؟!!
ماذا سيكون مصيره الآن و قد عجز عن دفعهم عنه؟!!
هل فعلاً لا تردعهم آية الكرسي؟ و لماذا؟
هذا و أكثر سنعرفه في الجزء القادم...