أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده و
نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا، من
يهده الله فلا مضلّ له، و من يضلل فلا هادي له، و أشهد أن لا إله الا الله
وحده لا شريك له، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله، أما بعد:
فمن العلامات العشر
الكبرى على اقتراب الساعة خروج يأجوج و مأجوج، من لم يؤمن بوجودهم أو
خروجهم قبل قيام الساعة فقد كفر بما أنزل على محمّد، فقد ذكر أمرهم المولى
في سورتين من سور القران، احداهما في صيغة الماضي في سورة الكهف و الأخرى
في صيغة المستقبل في سورة الأنبياء والله هو اللطيف الخبير.
و مع إيماننا بوجودهم و خروجهم، فإن السؤالين الكبيرين التي تتعلّق بهم و التي يحبّ معرفته المؤمن هما: أين هم؟ و من هم؟
و ما سيكتبه العبد العاصي هنا هو حول ما أراه هو الصواب في مكان وجودهم.
أين هم يأجوج و مأجوج؟
قال تعالى: "قالوا يذا القرنين إنّ يأجوج و ماجوج مفسدون في الأرضِ"
فالمعلوم من الايات والأحاديث أنهم في الأرض و لا يوجد مؤشرات أنهم في السماء.
فإذا أردنا أن نعرف
مكان وجودهم فعلينا أن نبحث في الأرض، و كل ما زاد معرفتك بالأرض و
طبيعتها وجميع زواياها كلّما زاد فرص نجاحك في التعرّف على مكان وجود
يأجوج و مأجوج.
1. هل كل ما نعلمه عن طبيعة الأرض هو صحيح؟
بدون طول مقدمة فالصحيح
أن ما نعلمه عن طبيعة الأرض و تركيبها هي "نظرية علمية" أي هي استنتاج
مبني على دلالات علمية و لكنها إلى يومنا هذا لا تتجاوز كونها نظرية حيث
لم يستطيع انسان واحد أن يصل إلى قاع الأرض ليثبت بلا شكّ أنّ الأرض
مكوّنة من طبقات تزداد حرارتها و سيولتها إلى أن نصل إلى قاع سائل شديد
الحرارة. و هناك نظريات عديدة "علمية" استلمها الكثير أنه الحق مع أن
نظريات علمية أخرى أبطلتها كما أن القران أكّد بطلانها منها نظرية داروين
القائلة أن الانسان أصله من القرد و أن سيدنا ادم ليس أول انسان، و كنظرية
فرويد التي تقول أن الانسان في اساسه كائن جنسي و غيرها من ال"نظريات
العلمية".
ففي تضاد النظرية
العلمية التي نتعلمه في المدارس عن طبيعة الأرض من الداخل، هناك نظرية
علمية أخرى صافية من الناحية العلمية، ءامن بها معظم علماء الأرض واتخذوها
الحقيقة لقرون إلى أن "اكتشف" القطب الشمالي قبل مائة عام في أحوال هي إلى
اليوم تثير التشاجر بين العلماء.
و هذه النظرية العلمية
اسمها "نظرية الأرض المجوّفة" والتي تقول أنّ الأرض من الداخل مجوّفة. و
إليك ملّخص أهمّ نقاط هذه النظرية العلمية:
1. أنّ الأرض مجوّفة من
الداخل و أن مركز الجاذبية ليست قاع الأرض و لكن منتصف الطبقة الرئيسية
لها و من هذا فإنّ الجاذبية تعمل على كلتا جانبي الطبقة، فمن في داخل
الأرض لن يسقط في الجوف إنّما سيمشي فيها كما يمشي من هو في الخارج حيث أن
جاذبية الطبقة تعمل في الجهتين.
2. هناك جسم مضيء شبيه
بشمس صغير جدّاً في وسط الأرض تقوم بالاضاءة. و أن المساحات التي بالداخل
قد تكون شبيهة بالسطح الخارجي أي قد يكون هناك جبال و أودية و قد تكون
هناك حياة.
3. أن هناك مداخل إلى
جوف الأرض في ال"قطب" الشمالي والجنوبي. فنظرياً اذا اتجه الانسان إلى
الشمال واستمرّ في المشي فانه سيدخل تدريجياً إلى داخل الأرض بدون أن يعلم
و لن يرى "الفتحة" من كبر مساحتها نسبياً إليه. و هنا ينطرق إلى البال
السؤال: إذا صح هذا فلماذا لم يدخل أحد إلى الأرض و أيضاً لماذا لم نرى
صور للمدخل أو المداخل من الفضاء؟ الجواب على السؤال الأول هو أن الناس في
رحلاتهم إلى "القطب" عندما يصلوا إلى حافة المدخل أي إلى النقطة التي يبدأ
الأرض عندها بالميل إلى الداخل فإن بواصلهم تقرأ أنهم وصلوا إلى "القطب"
فيقفون و يظنّون أنّهم وصلوا حد رحلتهم و أن أي استمرار فقط ستوصلهم إلى
الجهة الثانية من الكرة الأرضية والتي ليس هناك أرض بل معظمها ماء (بداية
المحيط الهادي). و أما عن صور الفضاء ففي معظم السنة هناك جليد و سحابات
تغطي المدخل جاعلاً من الصعب رؤية "المدخل" و مع هذا فإن هناك صور التقطت
من الفضاء توضح ما يشبه مدخل.
أكتفي بهذا و لمزيد من
تفاصيل هذه النظرية فبإمكانكم البحث في الانترنت و ستجدون التفاصيل و أنّ
كثيرين من العلماء القدامى أمثال إدمند هالي الذي "اكتشف" مذنّب هالي
كانوا يؤمنون بهذه النظرية.
2. علاقة النظرية بيأجوج و مأجوج
إن سلمنا بإمكانية صحة هذه النظرية العلمية فإنّها تساعد على فهم الحقائق التي ذكرت في القران عن يأجوج و مأجوج و كذلك الأحاديث.
قال تعالى عن ذي
القرنين: "إنّا مكنّا له في الأرض و ءاتيناه من كلّ شيءٍ سببا" أي بفضل
الله استطاع الوصول إلى أي جهة في الأرض و التحكّم بأمورها. فإذا استمرينا
بقراءة الايات التي تلتها و صيغتها فإن ّ الله تحدّث عن رحلات قصوى أولاهم
كانت إلى مغرب الشمس و الثانية إلى مطلع الشمس ثمّ هناك رحلة ثالثة فأي
اتجاه قصوى بإمكانه أن يأخذها بعد الوصول إلى المغرب و المشرق والتحكّم في
أمورها....قال تعالى "حتى إذا بلغ بين السدّين" فيفهم من الصيغة أن هذا
المكان أيضاً رحلة عظيمة تستحقّ الذكر أنه بلغها و أن مع مطلع الشمس و
مغرب الشمس فإن هذا المكان هو أيضاً اتجاه قصوى للأرض....و قال تعالى
"السدّين" و لم يقل "سدّين" أي هذه السدّين معرّفين لا ثالث لهما فما هما
السدّين؟ أرى والله أعلم أنه وصف لأهم موقعين في الكرة الأرضية التي
نعرفها بعد المشرق والمغرب و هما "القطب" الشمالي وال "قطب" الجنوبي، و
أمّا لماذا سمّاهما الله بالسدّين فإنها على الأرجح متعلّق بفائدة و دور
يقومان بها لا أملك لها جوابا.
قال تعالى: "وجد من
دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولا" فلنا أن نسأل لماذا لا يكادون يفقهون
قولا؟ هل بسبب البعد عن بقية البشر الذين لا يسكنون بين السدّين؟
و هناك نقاط علينا
نتدبرها ليس لي اجابتها الان، فما الفرق مثلاً بين" السدّ" الذي طلبها
القوم من ذي القرنين و بين " الردم" الذي بناها؟
هل هذا الردم يمنع خروجهم من ال"قطب" الشمالي والجنوبي؟
قال تعالى في سورة
الأنبياء واصفاً خروجهم: "حتّى إذا فتحت يأجوج و مأجوج و هم من كلّ حدبٍ
ينسلون" ففي هذه الاية إشارتين تفيد أن هذا قد يكون هو الحال، حيث قال
تعالى "فتحت" والذي يفيد أن الردم الان يغلقهم عن الوصول إلينا و من اين
يأتون؟ "من كلّ حدب".....والحدب دائماً يفسر بالمكان المرتفع و لكن معناها
الأدق أنها المكان المرتفع المحدّب و الشكل المحدّب لا يخفى عليكم...فإذا
أخذنا ال"كرة" الأرضية و بحثنا عن كلّ حدب لوجدنا أولاً أن الأرض في
الحقيقة ليست كروية لكن بيضاوية و لها حدبين هما "القطب" الشمالي
والجنوبي...فمنهما "ينسلون" أي ينزلون بسرعة.....و هذان المكانين تعطي
ليأجوج و مأجوج القدرة على الوصول إلى جميع جهات الأرض من نقطة واحدة و من
"فوق و تحت" أي الشمال والجنوب و هذا ما يفيده أحاديث الرسول عليه الصلاة
والسلام عن سرعة حركتهم و تدميرهم لما هو أمامهم فضلاً عن كثرة عددهم.
فإذا أردت أن تتخيلها فتخيّل علبة أكل قديم مثلاً إذا فتحت من أعلى فإن
الديدان تخرج بسرعة و بكثرة و تنزل في كل الاتجهات.
ما يقوي هذا الكلام أن
الحديث الذي ذكره الرسول عليه الصلاة والسلام والذي يصف فيهاحفرهم للسد
حتى يرون نور الشمس فإذا جاءوا اليوم الثاني رجعت كما كان إلى أن يقولوا
إن شاء الله....فالانتباه هنا يكون في أن الحفر الذي يقومون بها يسمح لهم
برؤية نور الشمس...و معلوم أن نور الشمس يصل إلى جميع سطح الأرض و لكن لن
يصل إلى داخلها إذا كانت مجوّفة...و خاصّةً إذا كان هناك سد اصطناعي.
3. ما الحكمة من خروجهم؟
يفهم من الايات
والأحاديث أنهم عذاب من الله تعالى إلى العالم أجمع كما سبقتها طوفان نوح
و غرق فرعون و غيرها...فربّنا سبحانه و تعالى ذكر أمر الأمم السابقة في
سورة الأنبياء و كيف أنهم كذبوا برسلهم فحقت عليهم العذاب...و تكلّم إلى
أن وصل لأخر الزمان قائلاً..."و حرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنهم لا يرجعون.
حتّى إذا فتحت يأجوج و مأجوج...) أي أن سنة الله في الكون أنه بعد أن يهلك
القرى بشركهم و ظلمهم فإن ليس لهم عودة و أنّ هذه السنة مستمرة و منتهية
بأخر عذاب للقرى و القادمة على هيئة خروج يأجوج و مأجوج ليهلكوا "القرية
العالمية".
و متى يخرجون؟ فور
انتصار الموحدين على العالم أجمع بقيادة المسيح الدجّال...فبعد
مقتله...هناك فئتين في الأرض: فئة صغيرة قاتلت على الحقّ على رأسها المهدي
و عيسى ابن مريم...والفئة الثانية هي معظم الناس الذين فقدوا الان من
اتخذوه "ربّهم الأعلى"...وفي هذا الموقف التاريخي والكوني يظهر غضب الله
عليهم بأمره بخروج ياجوج و مأجوج. والهجرة والجهاد والجبال والكهوف لهي
مأوى المؤمنين من هؤلاء كما كانت الفلك هي مأوى المؤمنين أيام نوح عليه
السلام. فأصحاب الفلك تركوا أهليهم بأمر من الله و ركبوا فيها...و ضحك
عليهم العالم يومئذٍ و كذلك الحال مع أصحاب الكهف الجدد اليوم و على رأسهم
العبد المهدي، تركوا أهليهم بأمرٍ من الله سبحانه و تعالى و ضحك واستنكر
واستهزأ بهم العالم و لكن ليس لوقتٍ طويل...فيصف الله سبحانه و تعالى حال
الكفار و المنافقين عند خروج يأجوج و مأجوج..." واقترب الوعد الحق فإذا هي
شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا
ظالمين"....فالملحمة الأخيرة قبل قيام الساعة ليست فقط ملحمة دم و قتل بل
هي قتال في العلم...فرقة ظنّت أنها علمت كلّ شيء في الكون و لكن التكبر
جعلتها تغفل أساس كل العلم الا و هو توحيد الله سبحانه و تعالى والفرقة
الثانية هي التابعة لربّها و أول أمره لهم : "اقرأ باسم ربّك الذي
خلق"...فعلم هؤلاء جاءت بيقين أن الله الواحد الأحد هو خالق كل شيء. و
هناك في تلك اللحظة لا قول للكفرة إلا الاعتراف بعد أن وسعت عيونهم رعباً
لرؤية يأجوج و مأجوج "لقد كنا في غفلة من هذا" أي مع كل علمنا و ارسالنا
الناس الى السماء...لقد كنا في غفلة أن تدميرنا يأتي من كائنات كانوا طوال
هذه المدة "تحت أقدامنا"....بل كنّا ظالمين.