من غرائب الجن !
قاع (الصير) يقع جنوب (المحفر) بمنطقة حائل (شمال شرق جبل اجا الذي يحده من
الشرق وغربا وشمالا وجنوبا النفود الكبير) وهو قاع كبير المساحة ويمتليء
وقت الامطار بالمياه الا انها سرعان ما تبتلعه الارض خلال ايام فيصبح خاويا
ولا ينبت به اشجار أو نباتات رغم وقوعه في احد افضل المناطق الرعوية
واشتهر قاع الصير عند البادية بانه مسكن للجن فلا احد يقترب منه وخاصة اذا
ما كان الوقت ليلا حيث لا يسكنه احد ولا يبيتون به أو حوله ويقولون انهم
يشاهدون الجن يوقدون النيران في الليل ويراها الناس عن بعد كأنها اقوام
منتشرة في جماعات تقطن على قاع الصير ذلك القاع الابيض الجميل نهارا
والمخيف ليلا وحكايات الناس عن (قاع الصير) كثيرة يصعب حصرها ولكن هنا نورد
واحدة من قصصه (الجنونية) حيث يروى ان هناك رجلا كان عائدا من حائل الى
اهله في جبل المسمى شمال الشملي على راحلته ومر بخشم الطرف ليلا في فصل
الشتاء البارد مروراً في قاع الصير التي تسكنه جماعات من الجن ورغم معرفة
الرجل بالمكان مسبقا الا انه في تلك اليلة نسي انه بالقرب من القاع المشهور
وما ان اقترب منه حتى شاهد العديد من بيوت الشعر المبنية بكثرة بغرب القاع
فظن انهم من البدو نزلوا بهذا المكان وكان في حاجة ماسة الى الاكل والدفء
والمبيت حيث برودة الطقس في الشتاء فحدث نفسه انه سوف ينزل عند اول بيت
يليه وفعلاً وقبل ان يصل الى البيت اناخ الرجل راحلته فربطها في جذع شجرة
بالقرب منه فخرج صاحب البيت ذلك الرجل الكبير في السن ذو (الشعر الكثيف
تختلط لحيته مع شاربه وبجواره ابنه ذوو الشنب الكثيف المماثل) ورحبا بالضيف
واتجها به الى البيت واجلساه في المجلس المعد للضيوف وقدما له القهوة
العربية واللبن ثم العشاء ونال الدفء وسط ذلك البيت الشيطاني بدون ان يعرف
انه هكذا, وقبل ان يخلد للنوم قدم عليهم شاب يتلفت يمنة ويسرة ويتحرك حركات
كثيرة وغريبة وقبل ان يجلس بادره ابوه اين كنت? ولماذا تأخرت الى هذا
الوقت? فاجاب ذلك الفتى كنت عند فلا بن فلان واشعلت بينه وبين زوجته فتنة
فطلقها زوجها فرد عليه والده بان هذه دائما عاداتك كل هذا يحدث والضيف
يستمع لهذا الكلام بانصات وهو يعرف تمام المعرفة الرجل وزوجته الذي يتحدث
عنهما الفتى لكنهلم ينتبه ثم نام الضيف على فراش فرشه له المضيف (الجني)
حتى الصباح لكن الضيف ما ان رفع رأسه لاداء صلاة الفجر حتى وجد نفسه في
مكان لا يوجد به أي كائن حي مما شاهده ليلة البارحة حينها تذكر ان مبيته في
(قاع الصير) وان مضيفيه هما من جن قاع الصير الذين سمع عنهم كثيراً فحمد
الله على السلامة وهب مسرعا للبحث عن راحلته فلم يجد الشجر التي ربطها بها
واستمر في بحثه حتى وجدها على بعد مسافة بعيدة عنه بعد اقتفاء اثرها وركبها
ثم واصل رحلته وهو غير مصدق (لقصته) مع جن قاع الصير لكن لايزال كلام
الفتى عالقا في ذهنه لكون الرجل وزوجته اللذين ذكرهما من جيرانه (في جبل
المسمى) شمال الشملى وما ان وصل الى بيته حتى بادر زوجته يسأل عن احوال
جيرانه فاخبرته بان جارهم طلق زوجته ليلة البارحة حينها تنهد الرجل قليلا
وقال الله يلعن الشيطان واعوانه فذكر لها القصة ثم توجه الى جاره فذكر له
القصة ايضاً ثم نصحه بان يتعوذ من الشيطان ويراجع زوجته لأن مافعله كان من
مكائد الشيطان ومكره فقبل الجار النصيحة واعاد زوجته الى بيتها وهكذا تنتهي
هذه القصة (الجنونية) بعد ان نقلنا فيها القارئ قليلاً إلى قاع الصير .